تعزيز التعاون مع المجتمع المدني في أميركا اللاتينية والكاريبي 

الأخبار والموارد

في العام 2022، سوف يعمد حراك أنشر ما تدفع العالمي الذي يعمل من أجل الشفافية والمساءلة في قطاع الصناعات الاستخراجية إلى تعزيز وجوده في أميركا اللاتينية والكاريبي. فمعظم دول هذه المنطقة تقوم باستخراج النفط والغاز والمعادن، ما يجعلها منطقة رئيسية وأساسية في جدول أعمال حوكمة الموارد الطبيعية، ولا سيما الآن، في ظل ضرورة الحرص على تحوّل طاقوي عادل إلى اقتصاد منخفض الكربون. ومما لا شك فيه أن خبرات المجتمع المدني في أميركا اللاتينية، وقدرته الإبداعية وأعماله سوف تشكّل كلها عوامل مهمة لترسيخ رؤية 2025 الخاصة بأنشر ما تدفع على المستويات كافة، الوطني والإقليمي والعالمي. ولن يتردّد الناشطون في أنشر ما تدفع في أن يتشاركوا مع زملائهم الجدد في المنطقة 20 عامًا من الخبرة في المطالبة وتنظيم الحملات وبناء الائتلافات.

يأتي التزام أنشر ما تدفع في أميركا اللاتينية والكاريبي في وقت بالغ الأهمية؛ ففيما يحتفل حراكنا هذه السنة بعيده العشرين، نسعى إلى الاستجابة للمسائل العصيبة التي نمرّ بها في الوقت الراهن، كحالة الطوارئ المناخية والأزمة البيئية والجائحة مع التفاوتات الاجتماعية المتفاقمة التي تنتج عنها. وبالتالي، يبقى التحوّل الطاقوي العادل مفتاحًا أساسيًا لمواجهة هذه التحديات.

بالطبع، لهذا التحوّل تبعات واضحة على قطاع النفط والغاز والتعدين في المنطقة. فمن ناحية، على الدول والمناطق المنتِجة أن تبدأ بالتخلّي تدريجيًا، وبمسؤولية، عن الوقود الأحفوري، على أن يترافق ذلك مع التدابير الضرورية التي تسمح لها بتنويع مصادر الدخل الاقتصادي والضريبي. ومن ناحية أخرى، سوف يشتمل التحوّل الطاقوي على توسيع نشاط التعدين ليضمّ استخراج ومعالجة المعادن الحيوية كالكوبالت والليثيوم والنحاس والنيكل. ومن الطبيعي أن يؤدّي هذا الانتقال العالمي نحو الطاقات المتجددة إلى ارتفاع جنوني في الطلب على هذه المعادن وعلى تنفيذ مشاريع استخراجية جديدة في أميركا اللاتينية والكاريبي وفي العالم بأسره. لكن في ظل نموذج التعدين الحالي، سيكون ذلك محفوفًا بالمخاطر.

ستكون دول أميركا اللاتينية والكاريبي أكثر اعتمادًا بعد على نشاط التعدين في المال والاقتصاد، مع مخاطر لاحقة متمثّلة بانعدام الاستقرار الاقتصادي والمالي، إلى جانب الفساد وسوء استخدام الإيرادات العامة، وتدهور البيئة وانتهاكات حقوق الإنسان. وفي غياب مشاركة فعالة وقوية للمجتمع المدني في عملية صنع القرارات المنوطة بسياسات ومشاريع التعدين، سوف يُفضي الاستخراج المكثّف للمعادن إلى المزيد من الآثار الاجتماعية والبيئية السلبية، ولا سيّما على الشعوب الأصلية والفلّاحين والمجتمعات المحلية المنحدرة من أصول أفريقية، وبالأخص النساء والشباب والأطفال. وتزداد خطورة كل ذلك بفعل تزايد القيود المفروضة على الفضاء المدني في بعض دول المنطقة والتي رسّختها الجائحة العالمية. ففي هذه الدول، يتعرّض المدافعون عن الأراضي إلى الاعتداء والهجوم والقتل، ما يشكّل رادعًا للناشطية والمعارضة في وجه السياسات والمشاريع المضرّة.

 

مجتمع مدني قوي ومتنوّع وموحّد من أجل تحوّل طاقوي عادل

تسّلط كل هذه العوامل الضوء على أهمية التصرّف وبسرعة لضمان تحوّل طاقوي عادل في أميركا اللاتينية والكاريبي؛ تحوّل يعالج الديون البيئية والاجتماعية التاريخية لقطاع الصناعات الاستخراجية، و يتلافى أية آثار سلبية في المستقبل، ويضع المواطنين في الوسط. إن مجتمعًا مدنيًا قويًا ومتنوّعًا وموحَّدًا يضمّ المجتمعات المحلية والحركات الشعبية، والمجموعات النسائية والمجموعات المُستَضعَفة، يؤدّي دورًا محوريًا في التغلّب على التحيات التي تواجهها المنطقة اليوم.

في هذا السياق، يهدف أنشر ما تدفع إلى دعم وتعزيز وتوسيع العمل المهم الذي يقوم به المجتمع المدني، استجابةً لطلب المنظمات في جميع أنحاء القارّة التي تعمل على هذه المسائل منذ عقود والتي يتعاون معها أنشر ما تدفع منذ سنوات عبر شبكة الصناعات الاستخراجية في أميركا اللاتينية (RLIE).

كخطوة أولى في هذا الاتجاه، رحّب  المجلس العالمي لأنشر ما تدفع في الثالث من آذار/مارس بائتلافه الأول في أميركا اللاتينية والكاريبي، وهو تحالف المجتمع المدني للشفافية في الصناعات الاستخراجية La Mesa de Sociedad Civil para la Transparencia en las Industrias Extractivas في كولومبيا. ومع إنشاء هيئة التنسيق الإقليمية الأولى في المنطقة، سنستمر في تركيز جهودنا في السنوات المقبلة على تعزيز حراك المجتمع المدني وتوسيعه من خلال احتضان وضمّ ائتلافات وطنية في دول أخرى في منطقة أميركا اللاتينية والكاريبي.

كما وأننا سنعمد إلى تحديد فرص المناصرة الإقليمية وبناء الاستراتيجيات وتنظيم الحملات حتى نحقق، وبشكل جماعي، تغييرات ملموسة في المنطقة. ونحن على يقين أننا معًا يدًا بيد، قادرون على إحداث أثر أكبر. فبالتعاون مع أوكسفام وعشرات المنظمات الشريكة الأخرى من المنطقة، نعمل على تطوير مجموعة إقليمية للتحوّل الطاقوي العادل في أميركا اللاتينية والكاريبي.

 

الشفافية والمشاركة وحماية الفضاء المدني: أجندات استراتيجية مشترَكة في أميركا اللاتينية والكاريبي

لا تزال الشفافية نقطة محوريّة على أجندة المجتمع المدني في أميركا اللاتينية والكاريبي. فهي عنصر أساس لضمان مشاركة المجتمع والمجتمعات المحلية في صنع القرار، من أجل تعزيز تحوّل طاقوي عادل. وفي العام 2022، سيقوم شركاؤنا في المكسيك وكولومبيا والبيرو باتخاذ الخطوات الضرورية ضمن إطار حملة الإفصاح عن الصفقات #DiscloseTheDeal التي أطلقها أنشر ما تدفع، وذلك للمناصرة للإفصاح عن عقود الهيدروكربون والتعدين، بما يشمل الإفصاح عن معلومات متعلقة بالجانب الاجتماعي والبيئي والمناخي. وفي هذه الدول أيضًا، نحن ندعم المجتمع المدني لترسيخ أجندات الشفافية الخاصة به خلال عمليات المصادقة في مبادرة الشفافية في الصناعات الاستخراجية (EITI).

لكن لا يمكن لعملية صنع القرار هذه أن تتّسم بالديمقراطية فعليًا إن لم تكن الفرص نفسها متاحة للجميع للمشاركة. لذلك، سيقوم أنشر ما تدفع بإعادة توزيع الأموال المتأتية من مبادرة السند الاجتماعي (Social Bond) التي أطلقتها مؤسسة فورد، ليوزّعها كمنح فرعية لمختلف شركائنا في كولومبيا والبيرو وبوليفيا من أجل النهوض جماعيًا بالتحوّل الطاقوي العادل، والمساواة بين الجنسين وإدماج الفئات التي لطالما تم إقصاؤها من عملية صنع القرار كالشعوب الأصلية والفلّاحين والشباب وذوي الهمم، بالإضافة إلى حماية الفضاء المدني والمدافعين البيئيين.

ها هي بعض الخطوات التي نعتزم اتخاذها في المنطقة، مع التركيز على المكسيك وكولومبيا والبيرو وبوليفيا وتشيلي في العام 2022، على أن نتمكّن من توسيع دعمنا للائتلافات في دول أخرى في السنوات القادمة. وسيترافق هذا العمل مع خطوات متعددة على المستوى الإقليمي لمساعدة أجندات المجتمع المدني على تخطي الحدود الوطنية.

في هذه اللحظة المفصلية، تأتي إضافة أصوات أميركا اللاتينية إلى حراكنا العالمي لتشكّل خير فرصة لتعزيز العمل الجماعي وإغنائه، من خلال تبادل الدروس المستفادة والمعارف والخبرات. فأمام التحديات الطارئة والملحّة التي يواجهها العالم، بفضل مجتمع مدني عالمي موحّد، التغيير آت لا محالة.

Share this content:

Related Resources