مبادرة الشفافية في الصناعات الاستخراجية يمكن أن تكون أداة نافعة للمجتمع المدني ليصبح جزءاً من عملية صنع القرارات. عندما يكون للمجتمع المدني مجال للعمل، يمكن أن تساعد مبادرة الشفافية في الصناعات الاستخراجية في حصول منظماته على مقعد حول الطاولة، وعلى رأي له قيمة مماثلة لرأي الحكومات والشركات. إن وجود مجموعة أصحاب المصالح المتعددة داخل بنية مبادرة الشفافية يشكل منصة تضمن حواراً شاملاً بين الدولة والشركات والمجتمع المدني. وقد ثبت أن هذه المقاربة مفيدة على المستوى الوطني في عدة بلدان – فلِمَ لا تطبق على المستوى الأدنى من الوطني/المحلي أيضاً؟
هذا ما ناقشته منظمات المجتمع المدني في كازخستان في 27-28 شباط في ندوة حول تطبيق مبادرة الشفافية على المستوى الأدنى من الوطني.
فممثلو الحكومة والمجتمع المدني يعتقدون أن الحوار البناء على المستوى الأدنى من الوطني معدوم بين الفرقاء. وثمة حاجة أيضاً لتنسيق أقوى بغية إيصال تقارير مبادرة الشفافية في الصناعات الاستخراجية إلى المواطنين.
وقد لاحظ المشاركون في الندوة أن المعايير الجديدة لمبادرة الشفافية مصدر محتمل للاستقرار الاجتماعي والوقاية من الصراع. فتضمين شرط وضع التقارير على مستوى كل مشروع على حدته تحديداً يمكن أن يتيح معلومات لا تثمّن للمجتمع المدني على المستوى المحلي. وقد وضعت الخطوط العريضة لخطة إنشاء مجموعة أصحاب المصالح المتعددة المحلية في مانغيستاو، وهي مقاطعة غنية بالنفط في جنوب غرب البلاد.
فمنظمات المجتمع المدني المحلية الممثلة لمصالح المواطنين، تحتاج إلى منفذ أفضل إلى صناعة القرار على المستوى المحلي. منذ بضع سنوات شكلت الإدارة الإقليمية في مانغيستاو مجلساً مكوناً من مختلف أصحاب المصالح-هدفه المناقشة والتشاور حول أفعل الطرق لتخصيص الإيرادات للإنفاق على المنطقة. غير أن المجموعة كانت تفتقر إلى سلطة شرعية لصنع القرارات، وهذا ما حدّ من تأثيرها. وتعتقد منظمات المجتمع المدني أن إنشاء مجموعات محلية لأصحاب المصالح المتعددة تتمتع بقاعدة قانونية وبسلطة صنع القرارات سيمنح المجتمع المدني المزيد من الحقوق ويزيد من نفوذه. ومن شأن ذلك أيضاً أن يشكل آلية جديدة لدعم النقاش الحقيقي وتلبية احتياجات السكان المحليين.
المواطنون المحليون يحتاجون إلى مزيد من المعلومات حول البيانات المدرجة في تقارير مبادرة الشفافية، وما تكشفه هذه البيانات حول حوكمة الموارد الطبيعية. وقد وافق ممثلو المجتمع المدني خلال الندوة على نشر معلومات مبادرة الشفافية عبر الجلسات التشاورية، ودورات التدريب، والاستقبالات العامة والمناقشات المفتوحة في تلك المناطق فضلاً عن استعمال الوسائل الحديثة للتواصل.
والسبب الآخر لإنشاء مجموعات المصالح المحلية المتعددة هو أنها قد تمكن المنظمات غير الحكومية من القيام بدور أكبر في رصد الإنفاق والتأكد من أن مصالح المواطنين المحليين واحتياجاتهم تؤخذ في الحسبان. فالأموال المخصصة للبنى التحتية الاجتماعية معرضة حالياً لسوء الاستعمال. من ذلك أن أعمال التصليحات البسيطة في مدرسة بمنطقة أتيراو، قد كلّفت خمسة ملايين دولار، وهو مبلغ أكثر من كاف لبناء مدرسة جديدة. وبينما كان المواطنون يطالبون بتحديث مستشفى محلي لهم أنفقت إيراداتهم بدلاً من ذلك على إقامة ملعب لكرة القدم. وزيادة في الطين بلة أقيم ملعب الكرة على أرض مستنقع – تغمرها المياه غالباً ولا يمكن استعمالها أبداً. تطالب منظمات المجتمع المدني بالإفصاح عن بيانات البنى التحتية الاجتماعية وباستشارة المواطنين في ماهية احتياجاتهم.
وقد طالب المشاركون في الندوة باعتماد قاعدة قانونية لمجموعات أصحاب المصالح المحلية المتعددة وبتعيين هيئة تنفيذية للإشراف على تطبيق مبادرة الشفافية وتطويرها على المستوى الإقليمي. فاستخراج النفط يؤثر في حيوات الناس على المستوى المحلي وهذا هو المستوى الذي ينبغي أن يتم فيه التغيير.