يعلم معظم اليمنيين أن بلدهم يمتلك مخزوناً هائلاً من الثروات المعدنية، ولكن ما يجهله البعض أن الحكومة السابقة خلال الفترة من 1997م وحتى 2010م منحت امتيازات في التنقيب والاستكشاف عن المعادن الفلزية من حديد وفضة وذهب ونحاس ونيكل إلى 12 شركة عالمية، وفي عام 2004م تم الإعلان من قبل شركة كانتكس ماين ديفلو” الكندية عن اكتشاف مخزوناً كبيرا من الصخور التي تحتوي على ذهب يقدر بنحو 39 مليون طنا في منطقة “الحارقة” مديرية أفلح الشام محافظة حجة. وبعد هذا الإعلان، مرت سنوات طويلة ولم نسمع أي جديد حول ذلك، وهناك اتهامات تتحدث عن استغلال هذه المناجم من قبل بعض الشركات والمتنفذين.
وهذا ليس الإعلان الوحيد الذي لم نسمع بعده تفاصيل أخرى، فقد أعلنت الهيئة العامة للمساحة الجيولوجية اليمنية في 22 مايو 2014م بان اليمن يمتلك 24 موقعاً استكشافياً للذهب فيها أكثر من 100مليون طن من الصخور من المتوقع أنها تحتوي على كميات هائلة من الذهب.
والسؤال هنا، أين هذه الموارد؟! وهل وجود هذه الموارد في اليمن نعمة تجلب الرخاء والأمل؟ أم أنها قد تتحول إلى لعنة سياسية واقتصادية و ما يتم وصفها بـ ” لعنة الموارد ” ؟
إن الأموال الناجمة عن الصناعات الاستخراجية ( النفط والغاز والتعدين ) في العديد من الدول مصحوبة بالفقر والفساد والصراع، وهو ما يُعرف باسم ” لعنة الموارد “. وهذا ناتج عن غياب أو ضعف الشفافية والمساءلة فيما يتعلق بالمبالغ التي تدفعها الشركات للحكومات، وكذلك الإيرادات التي تتلقاها الحكومات من تلك الشركات .
لقد تعاملت الحكومة السابقة مع ملف ثروات النفط والغاز والمعادن بسرية تامة، وقد نتج عن ذلك فساد ومخاطر كبيرة وخاصة مع عقود النفط والغاز والمعادن، الأمر الذي أدى إلى عجز اليمن على الحصول على صفقات مجزية لقاء مواردها وخير شاهد على ذلك ابرام صفقة الغاز المسال المشبوهة في اليمن عام 2005م، وقد أدى تنفيذ هذه الاتفاقية في السنوات الماضية إلى حرمان اليمن واليمنيين من مليارات الدولارات، حيث تم بيع الغاز لشركة توتال الفرنسية بدولار واحد لكل مليون وحدة حرارية وللشركة الكورية كوغاز بثلاثة دولارات وخمسة عشر سنتاً، فيما كانت الأسعار السائدة آنذاك تراوح بين 11 و12 دولاراً لكل مليون وحدة حرارية.
لم تهتم الحكومة الحالية أو السابقة بمبادرة الشفافية في الصناعات الاستخراجية EITIولم تكن من ضمن أولوياتها رغم انضمام اليمن الى المبادرة في وقت مبكر عام 2007م وقد مرت اليمن بمراحل أدت إلى تعليق عضويتها لعدة مرات من قبل الهيئة العالمية لمبادرة الشفافية في الصناعات الاستخراجية EITI .
إن الالتزام بتنفيذ مبادرة الشفافية في الصناعات الاستخراجية هي الخطوة الاساسية لوضع أسس الشفافية والمساءلة وبناء حوار فاعل بين أصحاب المصلحة المختلفة. كما أن البيانات التي توفرها المبادرة تمكن منظمات المجتمع المدني والمواطنين من مساءلة الحكومة عن استخدامات تلك الموارد وخلق رقابة مجتمعية فاعلة على الشركات ومدى التزامها بتنفيذ الشروط المفروضة عليها، وما إذا كانت الشركات تدفع ما عليها من التزامات بناء على ما تحصل عليه من موارد!!