الدراسة الاستقصائية الخاصة بالمنسّقين الوطنيين لعام 2023: لمحة سريعة عن عمل الائتلافات

المنشورات

لطالما شكّل سوء الحوكمة وغياب الشفافية جزءًا لا يتجزأ من قطاع الصناعات الاستخراجية، يُضاف إليهما شوائب أخرى أسهمت كلها في تغلغل الفساد، وانتشار انتهاكات حقوق الإنسان وتدهور البيئة، حتّى بات البشر والحجر عرضة للخطر. وإن مواجهة هذه التحديات لتعني محاربة هذه المصالح المتجذّرة والقوية، ما قد يتطلّب سنوات طويلة من المناصرة.  

في الدراسة الاستقصائية الأخيرة التي تهدف إلى تتبّع تقدّمنا المُحرَز في تنفيذ استراتيجية رؤية 2025، حصدنا إجابات من 39 منسّقًا وطنيًا من أصل 51 في أنشر ما تدفع. وتعطي هذه الدراسة لمحات عن العمليات التي تستغرق أحيانًا سنوات لتتوضّح معالمها. أما الإجابات هذه السنة، فتُظهر كيف باتت ائتلافات أنشر ما تدفع في العالم تركّز بشكل مطّرد على ضمان تحوّل طاقوي منصف، فيما يتجّه العالم بأسره نحو نزع الكربون للتصدي لأزمة المناخ.

نحو حوكمة أفضل

بشكل عام، كانت الرسالة التي وجّهها المنسّقون الوطنيون الذين أجابوا على الاستقصاء إيجابية. 

شعر معظمهم (85%) أن ائتلافهم نجح في تحقيق أثر على حوكمة الموارد الطبيعية في الأشهر الإثني عشر المنصرمين، فيما أفاد 64% عن إحراز بعض التقدّم على الأقل في مستوى تحسّن القدرة على استخدام البيانات لتعزيز الحوكمة

أشار المنسّقون الوطنيون أن الخطوات الرئيسية نحو التقدّم تتضمّن ما يلي:

 

  • تمكين المجتمعات المحلية والمجموعات المستضعفة من دفع الشركات والحكومات على الوفاء بموجباتها
  • الضغط للحصول على صفقات أفضل وإيرادات أكبر، والحرص على استخدام الأموال وتوزيعها بصورة أفضل
  • تحسين أطر السياسات والأطر القانونية لتحسين الرقابة وتعزيز حماية المصلحة العامة
  • إطلاق نقاشات وطنية رفيعة المستوى حول “إيجابيات وسلبيات” الاستخراج، من أجل النهوض بالمصلحة العامة في عمليات صنع القرار 

أتت إجابات المنسّقين الوطنيين في شرق أفريقيا والجنوب الأفريقي لتشرح هذه الإنجازات من خلال تبيان العمل الملموس على الأرض.

لمحة سريعة: شرق أوروبا والجنوب الأفريقي

قام ائتلاف أنشر ما تدفع في زمبابوي بتحليل البيانات الضريبة ليُظهر أن التخفيضات الضريبية التي تستفيد منها شركات التعدين والشركات الأخرى أسفرت عن خسارة مئات الملايين من الدولارات من إيرادات الضرائب. وشرح المنسّق الوطني لأنشر ما تدفع في زمبابوي كيف أن ائتلافه استخدم هذا التحليل وسيلة لعقد الاجتماعات واللقاءات مع السلطات والوزارات المعنية بالضرائب والموازنة، للضغط من أجل الإفصاح الكامل عن الجهات المستفيدة من الإعفاءات الضريبية والسبب وراء ذلك، وللمناصرة من أجل إنهاء التخفيضات الضريبية التي تقلّص المنافع التي تعود للمواطنين وتخفّض الإيرادات التي تحصل عليها المجتمعات المحلية. 

أما ائتلاف تنزانيا، HakiRasilimali، فقد استضاف مؤتمرًا وطنيًا للصناعات الاستخراجية لمناقشة مستقبل أنشطة الاستخراج في البلاد، وجمع فيه ممثلين عن المجتمعات المحلية والوسط الأكاديمي ومنظمات المجتمع المدني والحكومة، بالإضافة إلى أعضاء في الجمعية الوطنية، ووسائل الإعلام والمنظمات غير الحكومة الدولية وشركات الصناعات الاستخراجية. وخلال المؤتمر، أعلنت وزارة المعادن في تنزانيا عن التزامها بصياغة استراتيجية رامية إلى إدارة المعادن الحرجة في البلاد وبوضع خطة لكيفية مساهمتها في التحوّل نحو الطاقة النظيفة.

نظّم ائتلاف أنشر ما تدفع-زامبيا مؤتمر زامبيا الدولي للتعدين (إندابا) وأسهم في تعزيز السياسات الحكومية بشأن التنويع الاقتصادي وتوطين القيمة من الاستخراج.

وتضمّن عمل ائتلاف كينيا طوال العام 2022 تعزيز معارف النساء والمجموعات المحلية على مستوى الرصد البيئي وتقاسم المنافع، من خلال تزويد هذه الفئات بالمعارف الإضافية فتصبح قادرة على المشاركة بشكل أكثر فعالية في المفاوضات مع الشركات والسلطات المحلية.

الضغط نحو إفصاح أكبر وأفضل

أظهرت الدراسة الاستقصائية لعام 2023 أيضًا أن ضمان عمليات إفصاح محددة عن البيانات يبقى أداة أساسية للشبكة في مسعاها الدؤوب نحو الحوكمة الرشيدة والشفافية. 

أفاد 30 من أصل 38 (79%) منسقًا وطنيًا عن إحراز بعض التقدم على الأقل في الضغط من أجل إفصاحات أكثر وأفضل

لمحة سريعة: ملكية الانتفاع والإفصاح عن العقود

ساعد ائتلاف أنشر ما تدفع في نيجيريا مثلًا على إنشاء سجلّ لملكية الانتفاع، فيما أسهم ائتلاف إندونيسيا في تحسين نِسب الإفصاح عن ملكية الانتفاع. أما في كندا، فقد نجح الائتلاف الوطني في الحصول على التزام من الحكومة باعتماد سجلّ عام لملكية الانتفاع خلال العام 2023، بعد خمسة أعوام من المناصرة.

كشف الاستقصاء أيضًا عن انضمام ائتلافات جديدة إلى معركة ضمان الإفصاح عن العقود، ليصل العدد إلى 26 ائتلافًا. بالنسبة للبعض منها، صبّ جام التركيز على تأمين إمكانية الوصول إلى عقود محددة، كعقد “روسنفت” في لبنان، حتى يمكن التدقيق فيها وإصدار توصيات عامة بشأن كيفية تحسين الصفقات. 

وبالنسبة للبعض الآخر، كائتلافات كل من جمهورية كونغو الديمقراطية ونيجيريا واليمن، ركّزت الجهود على وضع قواعد جديدة للإفصاح عن العقود؛ وبفضل جهود ائتلاف مالي، تم نشر 100 عقد من عقود التعدين.  

تمكين المجتمعات المحلية والمجموعات المُستبعَدة

يشكّل تمكين المجتمعات المحلية والمجموعات المُستبعَدة ركيزة محورية في نظرية التغيير الخاصة بأنشر ما تدفع، كي تتمكّن هذه الفئات من المشاركة في صنع القرارات التي تؤثّر على حياتها. ووفقًا لنتائج الدراسة للعام 2023، استحوذت هذه المقاربة خلال العام 2022 على حصة كبيرة من جهود الشبكة. 

فقد أفاد 32 من أصل 38 (81%) منسقًا وطنيًا أن ائتلافاتهم قد أحرزت بعض التقدّم على الأقل على مستوى تمكين المجتمعات المحلية والنساء والشباب، نحو مشاركة أكبر في حوكمة قطاع الصناعات الاستخراجية في العام 2022.  

لمحة عامة: تمكين المجتمعات المحلية والمجموعات المُستَضعَفة

أفاد المنسّقون الوطنيون في بوركينا فاسو وكوت ديفوار والغابون وغينيا والهند والموزمبيق ونيجيريا وسيراليون أن ائتلافاتهم عملت كي تحظى المجتمعات المحلية والمجموعات المُستَبعَدة بتمثيل أفضل في عمليات صنع القرارات المنوطة بأموال التعدين في المجتمعات المحلية.

وكان لائتلافات متعددة خطوات إيجابية نحو تعزيز مشاركة المجموعات المُستبعَدة ضمن الائتلاف بحد ذاته، كما في إندونيسيا والعراق ولبنان وموريتانيا وجمهورية الكونغو وطاجيكستان وتنزانيا وأوغندا وزمبابوي.  

توسيع النطاق- المناخ والتحوّل الطاقوي

باتت ائتلافات أنشر ما تدفع تولي أهمية متزايدة للمواضيع الأساسية المتعلّقة بالتحوّل الطاقوي. ففيما يشهد الطلب على الطاقة المتجددة ارتفاعًا جنونيًا، بدأت الائتلافات في جميع أنحاء العالم تستجيب لهذا الواقع الجديد. 

وخلافًا للدراسات الاستقصائية السابقة حيث غاب موضوع أزمة المناخ والتحوّل الطاقوي، في دراسة العام 2023، أشار 22 من أصل 38 (58%) منسّقًا وطنيًا أن ائتلافاتهم بدأت تعمل على هذه المواضيع في السنة الأخيرة، كما وشاركت أعداد مماثلة أيضًا في التخطيط المشترَك مع ائتلافات شقيقة لكيفية مواجهة المسائل الحساسة والمهمة التي بدأت تبصر النور فيما يتّجه العالم بوتيرة سريعة نحو نزع الكربون. 

تقدّم على مستوى ترابط الشبكة 

أظهرت الدراسة الاستقصائية للعام 2023 أن المنسّقين الوطنيين والأمانة الدولية لأنشر ما تدفع قد اتخذوا خطوات إضافية من أجل تعزيز ترابط الشبكة، إذ ازدادت مشاركة ائتلافات أنشر ما تدفع في أعمال مشتركة فيما بينها وصار عدد أكبر منها يعتمد نهجًا ومقاربات مناصرة جديدة نتيجة لما تم تعلّمه من ائتلافات شقيقة.

لمحة سريعة: تعاون في منطقتي الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وأوراسيا

في أوراسيا مثلًا، عملت الائتلافات في أذربيجان وكازخستان وقيرغيزستان وطاجيكستان وأوكرانيا بشكل مترابط في جهود المناصرة لشفافية العقود، ما أسفر عن نتائج متعددة، منها نجاح ائتلاف طاجيكستان في إقناع الحكومة بنشر تراخيص التعدين وبيانات ملكية الانتفاع.

أما في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، فقد تعاون المنسّقون الوطنيون في كل من العراق ولبنان وتونس واليمن في مواضيع متنوعة، منها الإفصاح عن العقود ومبادرة الشفافية في الصناعات الاستخراجية (EITI) والفضاء المدني والتحوّل الطاقوي. 

تغييرات في السياق في 2022

وفقًا لمعظم المنسّقين الوطنيين، أصبحت آثار جائحة كوفيد-19 المباشرة أخف وطأة في العام 2022، علمًا أنها لا تزال تعرقل عمل مجموعة أصغر من الائتلافات. 

أفاد المنسّقون الوطنيون أيضًا عن تراجع في المخاطر التي تهدّد حقوق الأعضاء والقيود المفروضة على الفضاء المدني بشكل عام، مقارنة مع العام 2021. غير أن تهديدات الفضاء المدني لا تزال واقعًا مريرًا تعيشه أقلية لا بأس بها من الائتلافات، وتبقى تحديًا مستمرًا بالنسبة إلى الشبكة ككل. ويمثّل ذلك جزءًا من نطاق أوسع من التهديدات على مستوى الفضاء المدني، إذ يُظهِر  تقرير سيفيكوس الذي نُشِر مؤخرًا أن 3.2% فقط من سكان العالم يعيشون في بلاد مصنّفة على أنها تتميّز بفضاء عام مفتوح غير خاضع للقيود.

النوع الاجتماعي

بيّنت لنا الإجابات أن عملنا لم ينتهِ بعد من أجل تمثيل جندري متنوّع في قيادة الائتلافات الوطنية. من هنا، أعلن أعضاء أنشر ما تدفع التزامهم بإدراج وجهة نظر نسوية في كل أعمالنا من خلال اعتماد  السياسة الجنسانية التي تقدّم رؤية واضحة وتوجّه رسالة متّسقة وتعرض نهجًا منسّقًا لتعزيز العدالة بين الجنسين ضمن الحراك. وفي آذار/مارس 2023، قمنا بنشر خطة عمل تضم المؤشرات التي نستطيع من خلالها قياس تقدّمنا المحرَز في تنفيذ هذه السياسة.

فلنواصل التعلّم!

تعطينا إجابات المنسّقين الوطنيين لمحة سريعة عن التقدّم والعمل النشط في الشبكة. نأمل أن نتمكّن من الغوص أكثر في بعض التعليقات التي وردتنا، فنستقي العِبَر والدروس التي نحتاج إليها كي نجعل من قطاع الصناعات الاستخراجية قطاعًا خاضعًا للمساءلة ومفتوحًا للرأي العام، ولنحرص على وضع حاجات المواطنين في صلب عملية التحوّل الطاقوي. 

للاطلاع على النسخة الكاملة من نتائج الدراسة الاستقصائية الخاصة بالمنسقين الوطنيين لعام 2023، يرجى النقر هنا. 

 

Share this content:

Related Resources